[23] - قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}
  المبطئين أنهم يقولون عند مصيبة المؤمنين: {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} فيعد قعوده عن القتال نعمة من اللّه تعالى، ومثل هذا الكلام إنما يليق بالمنافقين لا بالمؤمنين، وأيضا لا يليق بالمؤمنين أن يقال لهم: (كأن لم يكن بينكم وبينه) يعني الرسول: (مودة) فثبت أنه لا يمكن حمله على المؤمنين، وإنما يمكن حمله على المنافقين، ثم قال: فإن حمل على أنه من الإبطاء والتثاقل صحّ في المنافقين، لأنهم كانوا يتأخرون عن الجهاد ويتثاقلون ولا يسرعون إليه، وإن حمل على تثبيط الغير صحّ أيضا فيهم، فقد كان يثبطون كثيرا من المؤمنين بما يوردون عليهم من أنواع التلبيس، فكلا الوصفين موجود في المنافقين، وأكثر المفسرين حمله على تثبيط الغير، فكأنهم فصلوا بين أبطأ وبطأ، فجعلوا الأول لازما، والثاني متعديا، كما يقال في أحب وحب فإن الأول لازم والثاني متعد(١).
[٢٣] - قوله تعالى: {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ٧٨}
  وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: ذكروا في الحسنة والسيئة وجوها ...
  قال القاضي:
  والقول الأول(٢) هو المعتبر لأن إضافة الخصب والغلاء إلى اللّه وكثرة
(١) م. ن ج ١٠/ ١٧٩.
(٢) القول الأول هو: قال المفسرون: كانت المدينة مملوءة من النعم وقت مقدم الرسول ﷺ، فلما ظهر عناد اليهود ونفاق المنافقين أمسك اللّه عنهم بعض الإمساك كما جرت عادته في جميع الأمم، قال تعالى: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ =