تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[15] - قوله تعالى: {إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين 79}

صفحة 170 - الجزء 1

  وعن ابن عباس أنه قال: لما أسرى بإبراهيم إلى السماء ورأى ما في السماوات وما في الأرض فأبصر عبدا على فاحشة فدعا عليه وعلى آخر بالهلاك، فقال اللّه تعالى له: كف عن عبادي فهم بين حالين إما أن أجعل منهم ذرية طيبة أو يتوبون فأغفر لهم أو النار من ورائهم، وطعن القاضي في هذه الرواية من وجوه: الأول: إن أهل السماء هم الملائكة المقربون وهم لا يعصون اللّه، فلا يليق أن يقال: إنه لما رفع إلى السماء أبصر عبدا على فاحشة. الثاني: أن الأنبياء لا يدعون بهلاك المذنب إلّا عن أمر اللّه تعالى، وإذا أذن اللّه تعالى فيه لم يجز أن يمنعه من إجابة دعائه. الثالث: أن ذلك الدعاء إما أن يكون صوابا أو خطأ فإن كان صوابا فلم رده في المرة الثانية، وإن كان خطأ فلم قبله في المرة الأولى. ثم قال: وأخبار الآحاد إذا وردت على خلاف دلائل العقول وجب التوقف فيها⁣(⁣١).

[١٥] - قوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٧٩}

  في هذه الآية مسائل: ... المسألة الخامسة: القصة التي ذكرناها من أن إبراهيم # ولد في الغار وتركته أمه وكان جبريل # يربيه كل ذلك محتمل في الجملة. وقال القاضي: كل ما يجري مجرى المعجزات فإنه لا يجوز لأن تقديم المعجز على وقت الدعوى غير جائز عندهم، وهذا هو المسمى بالإرهاص إلّا إذا حضر في ذلك الزمان رسول من اللّه فتجعل تلك الخوارق معجزة لذلك النبي⁣(⁣٢).

[١٦] - قوله تعالى: {وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا


(١) م. ن ج ١٣/ ٤٣.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٣/ ٥٣.