تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[19] - قوله تعالى: فالق {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون 98}

صفحة 172 - الجزء 1

  الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ٩٣}

  قال القاضي: الذي يفتري على اللّه الكذب يدخل فيه من يدعي الرسالة كذبا، ولكن لا يقتصر عليه، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

  فكل من نسب إلى اللّه تعالى ما هو برئ منه، إما في الذات، وإما في الصفات وإما في الأفعال كان داخلا تحت هذا الوعيد. قال: والافتراء على اللّه في صفاته، كالمجسمة، وفي عدله كالمجبرة، لأن هؤلاء قد ظلموا أعظم أنواع الظلم بأن افتروا على اللّه الكذب⁣(⁣١).

[١٩] - قوله تعالى: فالق {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ٩٨}

  قال القاضي: فرق بين قوله {أَنْشَأَكُمْ} وبين قوله (خلقكم) لأن أنشأكم يفيد أنه خلقكم لا ابتداء. ولكن على وجه النمو والنشوء لا من مظهر من الأبوين، كما يقال في البنات: إنه تعالى أنشأ بمعنى النمو والزيادة إلى وقت الانتهاء⁣(⁣٢).

[٢٠] - قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٩٩}

  ولما نبّه اللّه سبحانه على ما في هذا الوجه اللطيف من الدلالة قال {إِنَّ


(١) م. ن ج ١٣/ ٨٤.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٣/ ١٠٣.