[9] - قوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين 36}
  قال القاضي: تخصيص هذا المعنى بمنع الزكاة لا سبيل إليه، بل الواجب أن يقال: الكنز هو المال الذي ما أخرج عنه ما وجب إخراجه عنه، ولا فرق بين الزكاة وبين ما يجب من الكفارات، وبين ما يلزم من نفقة الحج أو الجمعة، وبين ما يجب إخراجه في الدين والحقوق والإنفاق على الأهل أو العيال وضمان المتلفات وأروش الجنايات فيجب في كل هذه الأقسام أن يكون داخلا في الوعيد(١).
[٩] - قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ٣٦}
  أ - وفي تفسير كتاب اللّه وجوه ... الثالث: قال أبو مسلم: {فِي كِتابِ اللَّهِ} أي فيما أوجبه وحكم به، والكتاب في هذا الموضع هو الحكم والإيجاب، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ}[البقرة: ٢١٦] {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ}[البقرة: ١٧٨] {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ٥٤] قال القاضي: هذا الوجه بعيد، لأنه تعالى جعل الكتاب في هذه الآية كالظرف، وإذا حمل الكتاب على الحساب لم يستقم ذلك إلّا على طريق المجاز(٢).
  ب - {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} وقال القاضي: حمل لفظ الدين على العبادة أولى من حمله على الحساب، لأنه مجاز فيه، ويمكن أن يقال: الأصل في لفظ
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٦/ ٣٦ (طبعة دار الكتب العلمية).
(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٦/ ٥٢.