تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[2] - قوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون 5}

صفحة 222 - الجزء 1

  كيف يعجز عن تسكين أولئك الملائكة في أحيازها بقدرته وحكمته؟ وأما وجه الاعتبار في ذلك فهو أنه لما حصل هناك معتبر، لم يمتنع أن يكون اعتباره بما يشاهده حالا بعد حال أقوى. والدليل عليه: أن ما يحدث على هذا الوجه، فإنه يدل على أنه صادر من فاعل حكيم، وأما المخلوق دفعة واحدة فإنه لا يدل على ذلك.

  والسؤال الثالث: فهل هذه الأيام كأيام الدنيا أو كما روي عن ابن عباس أنه قال: إنها ستة أيام من أيام الآخرة، كل يوم فيها ألف سنة مما تعدون؟

  والجواب: قال القاضي: الظاهر في ذلك أنه تعريف لعباده مدة خلقه لهما، ولا يجوز أن يكون ذلك تعريفا إلّا ولمدة هذه الأيام المعلومة⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥}

  ففيه مسائل: ... المسألة الثانية: احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه لا واسطة بين أن يكون المكلف مؤمنا وبين أن يكون كافرا، لأنه تعالى اقتصر في هذه الآية على ذكر هذين القسمين. وأجاب القاضي عنه: بأن ذكر هذين القسمين لا يدل على نفي القسم الثالث. والدليل عليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ}⁣[النور: ٤٥] ولم يدل ذلك على نفي القسم الرابع، بل نقول: إن في مثل ذلك ربما يذكر المقصود أو الأكثر، ويترك ذكر ما عداه، إذا كان قد بيّن في موضع آخر. وقد بيّن اللّه تعالى القسم الثالث في سائر


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٧/ ١٠ و ١١.