تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[4] - قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون 12}

صفحة 224 - الجزء 1

  من حقهما أن يتأخرا عن هذه الحياة الدنيوية، لأن حصولهما في الدنيا كالمانع من بقاء التكليف⁣(⁣١).

[٤] - قوله تعالى: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٢}

  في قوله تعالى: {كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أبحاث ...

  البحث الثاني: في بيان السبب الذي لأجله سمى اللّه سبحانه الكافر مسرفا. وفيه وجوه: ... الوجه الثاني: قال القاضي: إن من كانت عادته أن يكون عند نزول البلاء كثير التضرع والدعاء، وعند زوال البلاء ونزول الآلاء معرضا عن ذكر اللّه، متغافلا عنه، غير مشتغل بشكره، كان مسرفا في أمر دينه، متجاوزا للحد في الغفلة عنه، ولا شبهة في أن المرء كما يكون مسرفا في الإنفاق، فكذلك يكون مسرفا فيما يتركه من واجب أو يقدم عليه من قبيح، إذا تجاوز الحدّ فيه⁣(⁣٢).

[٥] - قوله تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥}

  {قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ} وفيه بحثان: البحث الأول: أن وصفهم بأنهم لا يرجون لقاء اللّه أريد به كونهم


(١) م. ن ج ١٧/ ٤٨.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٧/ ٥٣.