[16] - قوله تعالى: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم 88}
  قال تعالى: {كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} واحتجّ أصحابنا على أن اللّه تعالى قد يمنع المكلف عن الإيمان بهذه الآية وتقريره ظاهر. قال القاضي:
  الطبع غير مانع من الإيمان بدليل قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٥٥}[النساء: ١٥٥] ولو كان هذا الطبع مانعا لما صحّ هذا الاستثناء(١)؟
[١٦] - قوله تعالى: {وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ٨٨}
  قال القاضي: لا يجوز أن يكون المراد من هذه الآية ما ذكرتم(٢) ويدل عليه وجوه: الأول: أنه ثبت أنه تعالى منزه عن فعل القبيح وإرادة الكفر قبيحة. والثاني: أنه لو أراد ذلك لكان الكفار مطيعين للّه تعالى بسبب كفرهم، لأنه لا معنى للطاعة إلّا الإتيان بما يوافق الإرادة ولو كانوا كذلك لما استحقوا الدعاء عليهم بطمس الأموال وشد القلوب، والثالث: أنه لو جوزنا أن يريد إضلال العباد، لجوزنا أن يبعث الأنبياء $ للدعاء إلى الضلال، ولجاز
(١) م. ن ج ١٧/ ١٤١.
(٢) الذي ذكر: {لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي وعاصم {لِيُضِلُّوا} بضم الياء وقرأ الباقون بفتح الياء. المسألة الثانية: احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى يضل الناس ويريد إضلالهم وتقريره من وجهين: الأول: أن اللام في قوله: {لِيُضِلُّوا} لام التعليل، والمعنى: أن موسى قال يا رب العزة إنك أعطيتهم هذه الزينة والأموال لأجل أن يضلوا، فدل هذا على أنه تعالى قد يريد إضلال المكلفين. الثاني: أنه قال: {وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} فقال اللّه تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما} وذلك أيضا يدل على المقصود.