تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[11] - قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون 90}

صفحة 259 - الجزء 1

  أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ٨٩}

  قال⁣(⁣١): والدليل عليه أنه قال في صفة الشهيد أنه من أنفسهم وهذه الأعضاء لا شك أنها من أنفسهم. أجاب القاضي عنه من وجوه: الأول: أنه تعالى قال: {شَهِيداً عَلَيْهِمْ} أي على الأمة فيجب أن يكون غيرهم. الثاني:

  أنه قال: {فِي كُلِّ أُمَّةٍ} فوجب أن يكون ذلك الشهيد من الأمة وآحاد الأعضاء لا يصحّ وصفها بأنها من الأمة، وأما حمل هؤلاء الشهداء على الأنبياء فبعيد، وذلك لأن كونهم أنبياء مبعوثين إلى الخلق أمر معلوم بالضرورة فلا فائدة في حمل هذه الآية عليه⁣(⁣٢).

[١١] - قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}

  وروى القاضي في «تفسيره» عن ابن ماجة عن علي # أنه قال: أمر اللّه تعالى نبيه أن يعرض نفسه على قبائل العرب، فخرج وأنا معه وأبو بكر فوقفنا على مجلس عليهم الوقار، فقال أبو بكر: ممن القوم؟ فقالوا: من شيبان بن ثعلبة فدعاهم رسول اللّه إلى الشهادتين وإلى أن ينصروه، فإن قريشا كذبوه، فقال مقرون بن عمرو: إلام تدعونا أخا قريش؟ فتلا رسول اللّه :

  {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ} الآية فقال مقرون بن عمرو: دعوت واللّه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك، وعن


(١) أبو بكر الأصم.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٠/ ٩٩.