تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[14] - قوله تعالى: {إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم 104}

صفحة 261 - الجزء 1

  الآخرة⁣(⁣١).

[١٤] - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ١٠٤}

  وقال القاضي: أقوى ما قيل في ذلك إنه لا يهديهم إلى طريق الجنة، ولذلك قال بعده: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} والمراد أنهم لما تركوا الإيمان باللّه لا يهديهم اللّه إلى الجنة بل يسوقهم إلى النار⁣(⁣٢).

[١٥] - قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ١٠٦}

  أجمعوا على أن عند ذكر كلمة الكفر يجب عليه أن يبرئ قلبه من الرضا به وأن يقتصر على التعريضات مثل أن يقول: إن محمدا كذاب، ويعني عند الكفار أو يعني به محمدا آخر، أو يذكره على نية الاستفهام بمعنى الإنكار، وههنا بحثان: ... البحث الثاني: لو ضيق المكره الأمر عليه وشرح له كل أقسام التعريضات وطلب منه أن يصرح بأنه ما أراد شيئا منها، وما أراد إلّا ذلك المعنى، فههنا يتعين إما التزام الكذب، وإما تعريض النفس للقتل. فمن الناس من قال: يباح له الكذب هنا، ومنهم من يقول: ليس له ذلك وهو الذي اختاره القاضي.

  قال: لأن الكذب إنما يقبح لكونه كذبا، فوجب أن يقبح على كل حال، ولو جاز أن يخرج عن القبيح لرعاية بعض المصالح لم يمنع أن يفعل اللّه الكذب لرعاية بعض المصالح، وحينئذ لا يفي وثوق بوعد اللّه تعالى ولا بوعيده لاحتماله


(١) م. ن ج ٢٠/ ١١٢.

(٢) م. ن ج ٢٠/ ١١٩.