تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[3] - قوله تعالى: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها 38}

صفحة 265 - الجزء 1

  تعالى. وبيانه من وجوه: أحدها: أنه لو كان كذلك لامتنع أن يؤاخذ العبد به كما لا يؤاخذ بوزر غيره. وثانيها: أنه كان يجب ارتفاع الوزر أصلا، لأن الوزر إنما يصحّ أن يوصف بذلك إذا كان مختارا يمكنه التحرز، ولهذا المعنى لا يوصف الصبي بهذا⁣(⁣١).

[٣] - قوله تعالى: {كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ٣٨}

  أ - قال القاضي: دلت هذه الآية على أن هذه الأعمال مكروهة عند اللّه تعالى، والمكروه لا يكون مرادا له، فهذه الأعمال غير مرادة للّه تعالى فبطل قول من يقول: كل ما دخل في الوجود فهو مراد للّه تعالى، وإذا ثبت أنها ليست بإرادة اللّه تعالى وجب أن لا تكون مخلوقة له، لأنها لو كانت مخلوقة للّه تعالى لكانت مرادة له⁣(⁣٢).

  ب - قال القاضي: دلت هذه الآية على أنه تعالى كما أنه موصوف بكونه مريدا فكذلك أيضا موصوف بكونه كارها⁣(⁣٣).

[٤] - قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً ٦٤}

  والنوع الرابع: من الأشياء التي ذكرها اللّه تعالى لإبليس قوله:

  {وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ} نقول: أما المشاركة في الأموال فهي عبارة عن كل تصرف قبيح في المال، سواء كان ذلك القبيح بسبب أخذه من غير حقه، أو وضعه في غير حقه، ويدخل فيه الربا، والغصب، والسرقة، والمعاملات الفاسدة،


(١) م. ن ج ٢٠/ ١٧٢.

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٠/ ٢١٣.

(٣) م. ن ج ٢٠/ ٢١٣.