تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[8] - قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أ فتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا 50 ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا 51 ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا 52 ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا 53}

صفحة 271 - الجزء 1

  حُكْمِهِ أَحَداً ٢٦}

  اعلم أن في الآية مسائل: المسألة الأولى: قال المفسرون إن القوم لما سألوا النبي عن المسائل الثلاثة، قال #: أجيبكم عنها غدا، ولم يقل إن شاء اللّه، فاحتبس الوحي خمسة عشر يوما، وفي رواية أخرى أربعين يوما، ثم نزلت هذه الآية، اعترض القاضي على هذا الكلام من وجهين. الأول: إن رسول اللّه كان عالما بأنه إذا أخبر عن أنه سيفعل الفعل الفلاني غدا فربما جاءته الوفاة قبل الغد، وربما عاقه عائق آخر عن الإقدام على ذلك الفعل غدا، وإذا كان كل هذه الأمور محتملا، فلو لم يقل إن شاء اللّه، ربما خرج الكلام مخالفا لما عليه الوجود وذلك يوجب التنفير عنه، وعن كلامه #، أما إذا قال: إن شاء اللّه كان محترزا عن هذا المحذور، وإذا كان كذلك كان من البعيد أن يعد بشيء ولم يقل فيه إن شاء اللّه. الثاني: أن هذه الآية مشتملة على فوائد كثيرة وأحكام جمة فيبعد قصرها على هذا السبب⁣(⁣١).

[٨] - قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ٥٠ ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ٥١ وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً ٥٢ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً ٥٣}


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١/ ١٠٩.