تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[1] - قوله تعالى: {الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا 2}

صفحة 299 - الجزء 1

سورة الفرقان

[١] - قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ٢}

  هل في قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} دلالة على أنه سبحانه خالق لأعمال العباد؟ ... قال القاضي: الآية لا تدل عليه لوجوه: أحدها: أنه سبحانه صرح بكون العبد خالقا في قوله: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ}⁣[المائدة: ١١٠] وقال: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}⁣[المؤمنون: ١٤] وثانيها: أنه سبحانه تمدح بذلك، فلا يجوز أن يريد به خلق الفساد. وثالثها: أنه سبحانه تمدح بأنه قدره تقديرا ولا يجوز أن يريد به إلّا الحسن والحكمة دون غيره، فثبت بهذه الوجوه أنه لا بد من التأويل لو دلت الآية بظاهرها عليه، فكيف ولا دلالة فيها البتة، لأن الخلق عبارة عن التقدير فهو لا يتناول إلّا ما يظهر فيه التقدير، وذلك إنما يظهر في الأجسام لا في الأعراض⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً ٣}

  وههنا سؤالات: الأول: قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} هل يختص بعبدة الأوثان أو يدخل فيه النصارى وعبدة الكواكب وعبدة الملائكة؟

  والجواب: قال القاضي: بعيد أن يدخل فيه النصارى، لأنهم لم يتخذوا من دون


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٤/ ٤٧.