تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[3] - قوله تعالى: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون 54 واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون 55 أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين 56 أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين 57 أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين 58}

صفحة 316 - الجزء 1

  وأن اللّه تعالى حكم عليهم بالإنكار والاستبعاد⁣(⁣١).

[٣] - قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ٥٤ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ٥٥ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ٥٦ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٥٧ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ٥٨}

  أ - قال القاضي: هذه الآيات دالة على صحة القول بالقدر من وجوه:

  الأول: أنه لا يقال: فلان أسرف على نفسه على وجه الذم إلّا لما يكون من قبله، وذلك يدل على أن أفعال العباد تحصل من قبلهم لا من قبل اللّه تعالى، وثانيها: أن طلب الغفران والرجاء في ذلك أو اليأس لا يحسن إلّا إذا كان الفعل فعل العبد، وثالثها: إضافة الإنابة والإسلام إليه من قبل أن يأتيه العذاب وذلك لا يكون إلّا مع تمكنه من محاولتهما مع نزول العذاب، ومذهبهم أن الكافر لم يتمكن قط من ذلك، ورابعها: قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} وذلك لا يتم إلّا بما هو المختار للاتباع، وخامسها: ذمه لهم على أنهم لا يشعرون بما يوجب العذاب وذلك لا يصحّ إلّا مع التمكن من الفعل، وسادسها: قولهم {يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} ولا يتحسر المرء على أمر سبق منه إلّا وكان يصحّ منه أن يفعله، وسابعها: قوله تعالى: {يا حَسْرَتى


(١) م. ن ج ٢٦/ ٢٦٣.