تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[1] - قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون 14}

صفحة 351 - الجزء 1

سورة المطففين

[١] - قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ١٤}

  قال القاضي: ليس المراد من (الرين) أن قلبهم قد تغير وحصل فيه منع، بل المراد أنهم صاروا لإيقاع الذنب حالا بعد حال متجرئين عليه وقويت دواعيهم إلى ترك التوبة وترك الإقلاع، فاستمروا وصعب الأمر عليهم، ولذلك بيّن أن علة (الرين) كسبهم، ومعلوم إن إكثارهم من اكتساب الذنوب لا يمنع من الإقلاع والتوبة ... ولما سلم القاضي أنهم صاروا بسبب الأفعال السالفة راجحا، فوجب أن يكون الإقلاع في هذه الحالة ممتنعا⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ١٥}

  قال القاضي: الحجاب ليس عبارة عن عدم الرؤية، فإنه قد يقال:

  حجب فلان عن الأمير، وإن كان قد رآه من البعد، وإذا لم يكن الحجاب عبارة عن عدم الرؤية سقط الاستدلال⁣(⁣٢)، بل يجب أن يحمل على صيرورته ممنوعا عن وجدان رحمته تعالى⁣(⁣٣).


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٣١/ ٩٥.

(٢) الاستدلال الذي ردّ عليه القاضي هو: ذكر هذا الحجاب في معرض الوعيد والتهديد للكفار، وما يكون وعيدا وتهديدا للكفار لا يجوز حصوله في حق المؤمن، فوجب أن لا يحصل هذا الحجاب في حق المؤمن. راجع: الرازي: التفسير الكبير ج ٣١/ ٩٦.

(٣) م. ن ج ٣١/ ٩٦.