تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[15] - قوله تعالى: {فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون 73}

صفحة 74 - الجزء 1

  المقاربة من الفعل يناقض إثبات وقوع الفعل، فلو كان كاد للمقاربة لزم وقوع التناقض في هذه الآية. وههنا أبحاث: ... البحث الرابع: ... قال القاضي: إذا كان الغرض من المأمور إزالة شر وفتنة دل ذلك على وجوبه، وإنما أمر تعالى بذبحها لكي يظهر القاتل فتزول الفتنة والشر المخوف فيهم، والتحرز عن هذا الجنس الضار واجب، فلما كان العلاج إزالته بهذا الفعل صار واجبا وأيضا فغير ممتنع أن في تلك الشريعة أن التعبد بالقربان لا يكون إلّا سبيل الوجوب، فلما تقدم علمهم بذلك كفاهم مجرد الأمر⁣(⁣١).

[١٥] - قوله تعالى: {فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٧٣}

  أ - ففيه مسألتان: المسألة الأولى: في هذه الآية وجهان: ... والثاني:

  أنه احتجاج في صحة الإعادة، ثم هذا الاحتجاج أهو على المشركين أو على غيرهم؟ فيه وجهان. الأول: قال الأصم: إنه على المشركين لأنه إن ظهر لهم بالتواتر أن هذا الإحياء قد كان على هذا الوجه علموا صحة الإعادة، وإن لم يظهر ذلك بالتواتر فإنه يكون داعية لهم إلى التفكر. قال القاضي: وهذا هو الأقرب لأنه تقدم منه تعالى ذكر الأمر بالضرب وأنه سبب إحياء ذلك الميت، ثم قال: {كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى} فجمع {الْمَوْتى} ولو كان المراد ذلك القتيل لما جمع في القول فكأنه قال: دل بذلك على أن الإعادة كالابتداء في قدرته⁣(⁣٢).

  ب - واعلم أن كثيرا من المتقدمين ذكر أن من جملة أحكام هذه الآية أن القاتل هل يرث أم لا؟ قالوا: لا. لأنه روي عن عبيدة السلماني أن الرجل الذي كان قاتلا في هذه الواقعة حرم من الميراث لأجل كونه قاتلا. قال


(١) م. ن ج ٣/ ١٢٣.

(٢) م. ن ج ٣/ ١٢٣.