تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[46] - قوله تعالى: {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 168}

صفحة 94 - الجزء 1

  وثانيها: لو كانت المعارف ضرورية وحاصلة بالإلهام لما صحّ وصف هذه الأمور بأنها آيات، لأن المعلوم بالضرورة لا يحتاج في معرفته إلى الآيات.

  وثالثها: أن سائر الأجسام والأعراض وإن كانت تدل على الصانع فهو تعالى خصّ هذه الثمانية بالذكر لأنها جامعة بين كونها دلائل وبين كونها نعما على المكلفين على أوفر حظ ونصيب ومتى كانت الدلائل كذلك كانت أنجع في القلوب وأشد تأثير في الخواطر⁣(⁣١).

[٤٦] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ١٦٨}

  وقال القاضي: يريد وساوس الشيطان وخواطره⁣(⁣٢).

[٤٧] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢}

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا} والمراد به الإباحة، لأن تناول المشتهى لا يدخل في التعبد. وقيل: إنه أمر من وجهين: أحدهما: بأكل الحلال والآخر: بالأكل وقت الحاجة دفعا للضرر عن النفس. قال القاضي: وهذا مما يعترض في بعض الأوقات، والآية غير مقصورة عليه، فيحمل على الإباحة⁣(⁣٣).

[٤٨] - قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ١٧٥}

  وقوله: {وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ} قيل: إنه تأكيد لما تقدم، عن أبي


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٤/ ٢٣٠.

(٢) الطبرسي: مجمع البيان ج ١/ ٤٦٨.

(٣) م. ن ج ١/ ٤٧٠.