[51] - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 178}
  بطاعته، فقبل العباد ذلك من حيث آمنوا بالأنبياء والكتب، وقد أخبر اللّه تعالى عن أهل الكتاب أنهم نقضوا العهود والمواثيق وأمرهم بالوفاء بها فقال: {يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة: ٤٠] فكان المعنى في هذه الآية أن البرّ هو ما ذكر من الأعمال مع الوفاء بعهد اللّه لا كما نقض أهل الكتاب ميثاق اللّه وما وفوا بعهوده فجحدوا أنبياءه وقتلوهم وكذبوا بكتابه، واعترض القاضي على هذا القول وقال: إن قوله تعالى:
  {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ} صريح في إضافة هذا العهد إليهم، ثم إنه تعالى أكد ذلك بقوله: {إِذا عاهَدُوا} فلا وجه لحمله على ما سيكون لزومه ابتداء من قبله تعالى(١).
[٥١] - قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ ١٧٨}
  وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ} أي بأن قتل بعد قبول الدية، أو العفو، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه @. وقيل: بأن قتل غير قاتله، أو طلب أكثر مما وجب له من الدية. وقيل: بأن جاوز الحد بعد ما بين له كيفية القصاص. قال القاضي: ويجب حمله على الجميع لعموم اللفظ {فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة(٢).
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٥/ ٤٨.
(٢) الطبرسي: مجمع البيان ج ١/ ٤٨٠.