تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[17] - قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون 79}

صفحة 134 - الجزء 1

  أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ٧٧}

  {وَلا يُزَكِّيهِمْ} ... وقيل: لا يطهرهم من دنس الذنوب والأوزار بالمغفرة، بل يعاقبهم. وقيل: لا يحكم بأنهم أزكياء، ولا يسميهم بذلك، بل يحكم بأنهم كفرة فجرة، عن القاضي⁣(⁣١).

[١٧] - قوله تعالى: {ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ٧٩}

  وقوله: {عِباداً} هو من العبادة، قال القاضي: وعبيد بخلافه، لأنه بمعنى العبودية. ولا يمتنع أن يكونوا عبادا لغيره⁣(⁣٢).

[١٨] - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ٩٠}

  قوله تعالى: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} على وجوه ... الثالث: قال القاضي، والقفال، وابن الأنباري: أنه تعالى لما قدم ذكر من كفر بعد الإيمان، وبين أنه أهل اللعنة، إلّا أن يتوب، ذكر في هذه الآية أنه لو كفر مرة أخرى بعد تلك التوبة فإن التوبة الأولى تصير غير مقبولة وتصير كأنها لم تكن، قال وهذا الوجه أليق بالآية من سائر الوجوه لأن التقدير: إلّا الذين تابوا وأصلحوا فإن اللّه غفور رحيم، فإن كانوا كذلك ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم⁣(⁣٣).


(١) الطبرسي: مجمع البيان ج ٢/ ٧٧٩.

(٢) م. ن ج ٢/ ٧٨٢.

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ٨/ ١٣٩.