[14] - قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
  سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً ٣١}
  .. الوجه الثاني من الجواب: قال أبو مسلم الأصفهاني: إن هذه الآية إنما جاءت عقيب الآية التي نهى اللّه فيها عن نكاح المحرمات، وعن عضل النساء وأخذ أموال اليتامى وغير ذلك، فقال تعالى: إن تجتنبوا هذه الكبائر التي نهيناكم عنها كفرنا عنكم ما كان منكم في ارتكابها سالفا. وإذا كان هذا الوجه محتملا، لم يتعين حمله على ما ذكره المعتزلة. وطعن القاضي في هذا الوجه من وجهين:
  الأول: أن قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ} عام، فقصره على المذكور المتقدم لا يجوز. الثاني: أن قوله: إن باجتنابهم في المستقبل هذه المحرمات يكفر اللّه ما حصل منها في الماضي كلام بعيد؛ لأنه لا يخلو حالهم من أمرين اثنين: إما أن يكونوا قد تابوا من كل ما تقدم، فالتوبة قد أزالت عقاب ذلك لاجتناب هذه الكبائر، أو لا يكونوا قد تابوا من كل ما تقدم، فمن أين أن اجتناب هذه الكبائر يوجب تكفير تلك السيئات؟ هذا لفظ القاضي في تفسيره(١).
[١٣] - قوله تعالى: {وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً ٣٩}
  وقال القاضي عبد الجبار: إنه لا يجوز أن يأمر العاقل وكيله بالتصرف في الضيعة ويحبسه من حيث لا يتمكن من مفارقة الحبس، ثم يقول له: ما ذا عليك لو تصرفت في الضيعة، وإذا كان من يذكر مثل هذا الكلام سفيها دل على أن ذلك غير جائز على اللّه تعالى، فهذا جملة ما ذكروه من الأمثلة(٢).
[١٤] - قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٠/ ٧٨.
(٢) م. ن ج ١٠/ ١٠١.