تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[15] - قوله تعالى: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما 56}

صفحة 152 - الجزء 1

  ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً ٤٨}

  وفي الآية مسائل: ... المسألة الثانية: روي عن ابن عباس أنه قال: لما قتل وحشي حمزة يوم أحد، وكانوا قد وعدوه بالاعتاق إن هو فعل ذلك، ثم أنهم ما وفوا له بذلك، فعند ذلك ندم هو وأصحابه فكتبوا إلى النبي بذنبهم، وأنه لا يمنعهم عن الدخول في الإسلام إلّا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ}⁣[الفرقان: ٦٨] فقالوا: قد ارتكبنا كل ما في الآية، فنزل قوله: {إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً}⁣[الفرقان: ٧٠] فقالوا:

  هذا شرط شديد نخاف أن لا نقوم به، فنزل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} فقالوا: نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته، فنزل {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ}⁣[الزمر: ٥٣] فدخلوا عند ذلك في الإسلام. وطعن القاضي في هذه الرواية وقال: ان من يريد الإيمان لا يجوز منه المراجعة على هذا الحد؛ ولأن قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}⁣[الزمر: ٥٣] لو كان على اطلاقه لكان ذلك اغراء لهم بالثبات على ما هم عليه⁣(⁣١).

[١٥] - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً ٥٦}

  وفيه سؤالان: ... السؤال الثاني: الجلود العاصية إذا احترقت فلو خلق اللّه مكانها جلودا أخرى وعذبها كان هذا تعذيبا لمن لم يعص وهو غير جائز.

  والجواب عنه من وجوه: ... الثالث: أن المراد بالجلود السرابيل قال تعالى:


(١) م. ن ج ١٠/ ١٢٥.