[5] - قوله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون 28}
  وفي الآية مسائل: ... المسألة الرابعة: اعلم أنه كان مقصود القوم من ذكر قولهم {إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} القدح في كون القرآن معجزا فكأنهم قالوا: إن هذا الكلام من جنس سائر الحكايات المكتوبة، والقصص المذكورة للأولين، وإذا كان هذا من جنس تلك الكتب المشتملة على حكايات الأولين وأقاصيص الأقدمين لمل يكن معجزا خارقا للعادة. وأجاب القاضي عنه بأن قال: هذا السؤال مدفوع لأنه يلزم أن يقال لو كان في مقدوركم معارضته لوجب أن تأتوا بتلك المعارضة وحيث لم يقدروا عليها ظهر أنها معجزة(١).
[٥] - قوله تعالى: {بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ٢٨}
  قال القاضي: تقرير الآية {وَلَوْ رُدُّوا} إلى حالة التكليف، وإنما يحصل الرد إلى هذه الحالة لو لم يحصل في القيامة معرفة اللّه بالضرورة، ولم يحصل هناك مشاهدة الأهوال وعذاب جهنم، فهذا الشرط يكون مضمرا لا محالة في الآية(٢).
[٦] - قوله تعالى: {وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ ٣٥}
  قالت المعتزلة: المراد لو شاء اللّه أن يلجئهم إلى الإيمان لجمعهم عليه.
  قال القاضي: والإلجاء هو أن يعلمهم أنهم لو حاولوا غير الإيمان لمنعهم منه، وحينئذ يمتنعون من فعل شيء غير الإيمان، ومثاله: أن أحدنا لو حصل بحضرة السلطان وحضر هناك من حشمه الجمع العظيم، وهذا الرجل علم أنه لو همّ بقتل
(١) م. ن ج ١٢/ ١٨٨.
(٢) م. ن ج ١٢/ ١٩٤.