6 - القاضي واللغة:
  وتحدث المعتزلة عامة عن أسباب نزول الآية، ورفضوا أحيانا كثيرة ما روي عن التابعين والقدامى من السلف، فهذا أبو مسلم، محمد بن بحر الأصفهاني (ت ٣٢٢)، يطعن بما روي عن التابعي الكبير «قتادة»(١) في سبب نزول الآية ٦٧ من سورة النحل(٢)، ويظهر أن القاضي عبد الجبار، قد تبع أسلافه من المعتزلة في هذا النهج، فنجده يرفض ما قاله جمهور المفسرين في سبب نزول سورة الإخلاص، ويعتبر ما رووه باطلا، وعلّل ذلك بأسلوب عقلي، جدلي(٣)، موافقا بذلك ما روي عن الإمام الصادق(٤).
٦ - القاضي واللّغة:
  ركّز المعتزلة على ضرورة علم المفسّر لكتاب اللّه باللّغة والنحو، بل اعتبر القاضي عبد الجبار أن المفسّر لا يكون عالما بتوحيد اللّه، وعدله، وما يجب له من الصفات، وما يصحّ وما يستحيل، وغيرها من القضايا، إلّا إذا كان عالما بأحوال اللّغة، والنحو، وأصول الفقه(٥).
  ويظهر أن مفسّري المعتزلة الأوائل، كأبي بكر الأصم (ت ٢٢٤ هـ)، وأبي علي الجبّائي (ت ٣٠٣ هـ)، وأبي القاسم الكعبي البلخي (ت ٣١٩ هـ)، وأبي مسلم، محمد بن بحر الأصفهاني (ت ٣٢٢ هـ)، وأبي الحسن الرّماني (ت ٣٨٤ هـ)، قد سبقوا القاضي في الاهتمام باللّغة في تفاسيرهم(٦)، وتبعهم في
(١) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، أبو الخطاب السدوسي البصري، مفسّر، حافظ للحديث، فقيه، عالم بالشعر والأنساب وتاريخ العرب الأقدمين، ولد سنة ٦١ هـ.
مات بالطاعون سنة ١١٨ هـ. راجع: عادل نويهض: معجم المفسرين ١/ ٤٣٥.
(٢) راجع كتابنا: موسوعة تفاسير المعتزلة ج ١ / ص ١٦ (تفسير أبي مسلم الأصفهاني). ط ١، سنة ٢٠٠٧، دار الكتب العلمية، لبنان.
(٣) راجع هذا التفسير، سورة الإخلاص (الفقرة ب).
(٤) م. ن، سورة الإخلاص (الفقرة أ).
(٥) القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة، ص ٦٠٦.
(٦) راجع كتابنا: موسوعة تفاسير المعتزلة، حيث بيّنا هذا المنحى عند هؤلاء. الصادرة عن دار الكتب العلمية، لبنان.