تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[26] - قوله تعالى: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون 113}

صفحة 176 - الجزء 1

  أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}

  وأجاب القاضي: بأن المراد ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في الآيات التي قد ظهرت، فلا تجدهم يؤمنون بها آخرا كما لم يؤمنوا بها أولا ... وعلى ما يقوله القاضي فليس الأمر كذلك بل القلب باق على حالة واحدة إلّا أنه تعالى أدخل التقليب والتبديل في الدلائل⁣(⁣١).

[٢٦] - قوله تعالى: {وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ ١١٣}

  قال القاضي: ويبعد أن يقال: هذه العاقبة تحصل في الآخرة، لأن الإلجاء حاصل في الآخرة، فلا يجوز أن تميل قلوب الكفار إلى قبول المذهب الباطل، ولا أن يرضوه ولا أن يقترفوا الذنب، بل يجب أن تحمل على أن عاقبة أمرهم تؤول إلى أن يقبلوا الأباطيل ويرضوا بها ويعملوا بها⁣(⁣٢) ... أما الوجه الأول⁣(⁣٣): وهو الذي عول عليه الجبّائي فضعيف من وجوه ذكرها القاضي.

  فأحدها: أن «الواو» في قوله: {وَلِتَصْغى} تقتضي تعلقه بما قبله فحمله على الابتداء بعيد. وثانيها: أن «اللام» في قوله: {وَلِتَصْغى} لام كي فيبعد أن يقال: إنها لام الأمر ويقرب ذلك من أن يكون تحريفا لكلام اللّه تعالى وأن لا


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٣/ ١٤٨.

(٢) م. ن ج ١٣/ ١٥٨.

(٣) الوجه الأول: وهو الذي ذكره الجبائي قال: إن هذا الكلام خرج مخرج الأمر ومعناه الزجر، كقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ} وكذلك قوله: {وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا}⁣[الأنعام: ١١٣] وتقدير الكلام كأنه قال للرسول:

فذرهم وما يفترون ثم قال لهم على سبيل التهديد ولتصغى إليه أفئدتهم وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون.