تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[24] - قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون 19}

صفحة 175 - الجزء 1

  هذا الإثبات على النفي والتقدير: وكذلك نصرف الآيات لئلا يقولوا درست.

  ونظيره قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} ومعناه: لئلا تضلوا.

  والثاني: أن تحمل هذه اللام على لام العاقبة. والتقدير: أن عاقبة أمرهم عند تصريفنا هذه الآيات أن يقولوا هذا القول مستندين إلى اختيارهم، عادلين عما يلزم من النظر في هذه الدلائل. هذا غاية كلام القوم في هذا الباب⁣(⁣١).

[٢٤] - قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ١٩}

  قال الجبّائي، والقاضي: هذه الآية تدل على أحكام كثيرة متعلقة بنصرة الاعتزال. الحكم الأول: أنها تدل على أنه لو كان في المعلوم لطف يؤمنون عنده لفعله لا محالة، إذ لو جاز أن لا يفعله لم يكن لهذا الجواب فائدة، لأنه إذا كان تعالى لا يجيبهم إلى مطلوبهم سواء آمنوا أو لم يؤمنوا لم يكن تعليق ترك الإجابة بأنهم لا يؤمنون عنده منتظما مستقيما، فهذه الآية تدل على أنه تعالى يجب عليه أن يفعل كل ما هو في مقدوره من الألطاف والحكمة. الحكم الثاني: أن هذا الكلام إنما يستقيم لو كان لإظهار هذه المعجزات أثر في حملهم على الإيمان، وعلى قول المجبرة ذلك باطل، لأن عندهم الإيمان إنما يحصل بخلق اللّه تعالى، فإذا خلقه حصل، وإذا لم يخلقه لم يحصل، [فلم يكن لفعل الإلطاف أثر في حمل المكلف على الطاعات]⁣(⁣٢).

[٢٥] - قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ


(١) م. ن ج ١٣/ ١٣٧.

(٢) م. ن ج ١٣/ ١٤٧. وما بين المعكوفتين ورد في طبعة دار الكتب العلمية هكذا:

«ولكنه في الحقيقة باق».