[27] - قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون 125}
  ودفع ذلك لا يمكن خصوصا عند ورود أدلة اللّه تعالى وعند ظهور نصرة اللّه للمؤمنين، وعند ظهور الذلة والصغار فيهم، هذا غاية تقرير هذا الجواب.
  والوجه الثاني: في التأويل قالوا لم لا يجوز أن يقال: المراد فمن يرد اللّه أن يهديه إلى الجنة يشرح صدره للإسلام؟ أي يشرح صدره للإسلام في ذلك الوقت الذي يهديه فيه إلى الجنة، لأنه لما رأى أن بسبب الإيمان وجد هذه الدرجة العالية، والمرتبة الشريفة يزداد رغبة في الإيمان، ويحصل في قلبه مزيد انشراح وميل إليه، ومن يرد أن يضله يوم القيامة عن طريق الجنة، ففي ذلك الوقت يضيق صدره، ويحرج صدره بسبب الحزن الشديد الذي ناله عند الحرمان من الجنة والدخول في النار، قالوا: فهذا وجه قريب واللفظ محتمل له فوجب حمل اللفظ عليه.
  والوجه الثالث في التأويل أن يقال: حصل في الكلام تقديم وتأخير، فيكون المعنى من شرح صدر نفسه بالإيمان، فقد أراد اللّه أن يهديه أي يخصه بالألطاف الداعية إلى الثبات على الإيمان، أو يهديه إلى طريقة الجنّة، ومن جعل صدره ضيقا حرصا عن الإيمان، فقد أراد اللّه أن يضله عن طريق الجنّة، أو يضله بمعنى أنه يحرمه عن الألطاف الداعية إلى الثبات على الإيمان، فهذا هو مجموع كلامهم في هذا الباب(١).
  ب - {كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} ففيه بحثان: ... البحث الثاني: اختلفوا في تفسير {الرِّجْسَ} فقال ابن عباس: هو الشيطان يسلطه اللّه عليهم وقال مجاهد: {الرِّجْسَ} مالا خير فيه. وقال عطاء: {الرِّجْسَ} العذاب. وقال الزجاج: {الرِّجْسَ} اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة. ولنختم تفسير هذه الآية بما روي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: تذاكرنا في أمر القدرية عند ابن عمر. فقال: لعنت القدرية،
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٣/ ١٨٠.