تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[26] - قوله تعالى: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في

صفحة 194 - الجزء 1

  يجري هناك، وهذا المقصود لا يتم إلّا عند سماع الكلام، وأيضا فإن تكليم اللّه تعالى موسى # على هذا الوجه معجز⁣(⁣١).

  ب - قال القاضي: الذي قاله المحصلون من العلماء في ذلك⁣(⁣٢) أقوال أربعة: أحدها: ما قاله الحسن وغيره: أن موسى # ما عرف أن الرؤية غير جائزة على اللّه تعالى، قال ومع الجهل بهذا المعنى قد يكون المرء عارفا بربه وبعدله وتوحيده، فلم يبعد أن يكون العلم بامتناع الرؤية وجوازها موقوفا على السمع. وثانيها: أن موسى # سأل الرؤية على لسان قومه، فقد كانوا جاهلين بذلك يكررون المسألة عليه يقولون: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}⁣[البقرة: ٥٥] فسأل موسى الرؤية لا لنفسه، فلما ورد المنع ظهر أن ذلك لا سبيل إليه، وهذه طريقة أبي علي، وأبي هاشم. وثالثها:

  أن موسى # سأل ربه من عنده معرفة باهرة باضطرار وأهل هذا التأويل مختلفون، فمنهم من يقول سأل ربه المعرفة الضرورية، ومنهم من يقول: بل سأله إظهار الآيات الباهرة التي عنده تزول الخواطر والوساوس عن معرفته، وإن كانت من فعله، كما نقوله في معرفة أهل الآخرة، وهو الذي اختاره أبو القاسم الكعبي. ورابعها: المقصود من هذا السؤال أن يذكر تعالى من الدلائل السمعية ما يدل على امتناع رؤيته حتى يتأكد الدليل العقلي بالدليل السمعي، وتعاضد الدلائل أمر مطلوب للعقلاء، وهو الذي ذكره أبو بكر الأصم، فهذا مجموع أقوال المعتزلة في تأويل هذه الآية⁣(⁣٣).

[٢٦] - قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي


(١) م. ن ج ١٤/ ٢٢٩.

(٢) في مسألة رؤية اللّه تعالى.

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ١٤/ ٢٢٩.