تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[17] - قوله تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير 74}

صفحة 213 - الجزء 1

  وتارة باللسان، فمن لم يستطع فليكشر في وجهه، فمن لم يستطع فبالقلب، وحمل الحسن جهاد المنافقين على إقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها. قال القاضي: وهذا ليس بشيء، لأن إقامة الحد واجبة على من ليس بمنافق، فلا يكون لهذا تعلق بالنفاق، ثم قال: وإنما قال الحسن ذلك، لأحد أمرين، إما لأن كل فاسق منافق، وإما لأجل أن الغالب ممن يقام عليه الحد في زمن الرسول # كانوا منافقين⁣(⁣١).

[١٧] - قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ٧٤}

  روى قتادة أن رجلين اقتتلا أحدهما من جهينة والآخر من غفار، فظهر الغفاري على الجهيني، فنادى عبد اللّه بن أبي: يا بني الأوس انصروا أخاكم، واللّه ما مثلنا ومثل محمد إلّا كما قيل: سمن كلبك يأكلك. فذكروه للرسول #، فأنكر عبد اللّه، وجعل يحلف. قال القاضي: يبعد أن يكون المراد من الآية هذه الوقائع وذلك لأن قوله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} إلى آخر الآية كلها صيغ الجموع، وحمل صيغة الجمع على الواحد، خلاف الأصل. فإن قيل: لعل ذلك الواحد قال في محفل ورضي به الباقون، قلنا: هذا أيضا خلاف الظاهر لأن إسناد القول إلى من سمعه ورضي به خلاف الأصل. ثم قال: بلى، الأولى أن تحمل هذه الآية على ما روي: أن المنافقين هموا


(١) م. ن ج ١٦/ ١٣٦.