تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[3] - قوله تعالى: {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب 71}

صفحة 236 - الجزء 1

[٢] - قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ ٣٦}

  قال القاضي، وقال كثير من علمائنا: إن ذلك⁣(⁣١) من اللّه تعالى جائز، وإن كان منهم من يؤمن، وأما قول نوح # {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً}⁣[نوح: ٢٦] فذلك يدلّ على أنه إنما سأل ذلك من حيث إنه كان في المعلوم أنهم يضلون عباده ولا يلدون إلّا فاجرا كفارا، وذلك يدلّ على أن ذلك الحكم كان قولا بمجموع هاتين العلّتين، وأيضا فلا دليل فيه على أنهما لو لم يحصلا لما جاز إنزال الهلاك⁣(⁣٢).

[٣] - قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ٧١}

  واختلفوا في الضحك على قولين: منهم من حمله على نفس الضحك، ومنهم من حمل هذا اللفظ على معنى آخر سوى الضحك. أما الذين حملوه على نفس الضحك فاختلفوا في أنها لم ضحكت، وذكروا وجوها: الأول: قال القاضي: إن ذلك السبب لا بدّ وأن يكون سببا جرى ذكره في هذه الآية، وما ذاك إلّا أنها فرحت بزوال ذلك الخوف عن إبراهيم # حيث قالت الملائكة: {لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ} وعظم سرورها بسبب سروره بزوال خوفه، وفي مثل هذه الحالة قد يضحك الإنسان، وبالجملة فقد كان ضحكها بسبب قول الملائكة لإبراهيم # {لا تَخَفْ} فكان كالبشارة، فقيل لها: نجعل هذه البشارة بشارتين، فكما حصلت البشارة بزوال


(١) اختلف المعتزلة في أنه هل يجوز أن ينزل اللّه تعالى عذاب الاستئصال على قوم كان في المعلوم أن فيهم من يؤمن أو كان في أولادهم من يؤمن؟

(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٧/ ٢٢٢.