[4] - قوله تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين 56 ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون 57}
  أنكر هذا المعنى إنكارا بليغا ولم يذكر في إنكاره شبهة فضلا عن حجة، وأما الذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد ذكروا فيه وجوها: الأول: قال الحافظ(١):
  إنه يمتد من العين أجزاء فتصل بالشخص المستحسن فتؤثر فيه وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار، وإن كان مخالفا في جهة التأثير لهذه الأشياء. قال القاضي:
  وهذا ضعيف، لأنه لو كان الأمر كما قال، لوجب أن يؤثر في الشخص الذي لا يستحسن كتأثيره في المستحسن(٢).
  ب - المعنى: {وَ} لما تجهزوا للمسير {قالَ} يعقوب {يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا} مصر {مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} خاف عليهم العين،
  اختلفوا في وجه الإصابة بالعين: فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ، أنه قال: لا ينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلى الشيء المستحسن، أجزاء لطيفة، فتتصل به، وتؤثر فيه، فيكون هذا المعنى خاصية في بعض الأعين، كالخواص في الأشياء. وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الأشياء دون بعض، ولأن الأجزاء تكون جواهر، والجواهر متماثلة، ولا يؤثر بعضها في بعض. وقال أبو هاشم: إنه فعل اللّه بالعادة لضرب من المصلحة، وهو قول القاضي(٣).
(١) (الحافظ) هو تصحيف (الجاحظ)، ويدل على ذلك ورود هذه الكلمة عند الطبرسي.
(الفقرة ب هنا).
(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ١٨/ ١٧٤.
(٣) الطبرسي: مجمع البيان ج ٥/ ٣٨٠.