تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[1] - قوله تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم أ إذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 5}

صفحة 242 - الجزء 1

سورة الرعد

[١] - قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ٥}

  قوله: {وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ} وفيه قولان: الأول: قال أبو بكر الأصم: المراد بالأغلال: كفرهم وذلتهم وانقيادهم للأصنام، ونظيره قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا}⁣[يس: ٨] قال الشاعر:

  لهم عن الرشد أغلال وأقياد

  ويقال للرجل: هذا غل في عنقك، للعمل الردئ معناه: أنه لازم لك وأنك مجازى عليه بالعذاب. قال القاضي: هذا وإن كان محتملا إلّا أن حمل الكلام على الحقيقة أولى⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ٧}

  في تفسير هذه الآية وجوه. الأول: المراد أن الرسول # منذر لقومه مبين لهم، ولكل قوم من قبله هاد ومنذر وداع، وأنه تعالى سوى بين الكل في إظهار المعجزة إلّا أنه كان لكل قوم طريق مخصوص لأجله استحق التخصيص بتلك المعجزة المخصوصة، فلما كان الغالب في زمان موسى # هو السحر جعل معجزته ما هو أقرب إلى طريقتهم، ولما كان الغالب في أيام عيسى # الطب، جعل معجزته ما كان من جنس تلك الطريقة


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٩/ ١٠.