[1] - قوله تعالى: {ماكثين فيه أبدا 3}
سورة الكهف
[١] - قوله تعالى: {ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ٣}
  قوله: {أَنَّ لَهُمْ أَجْراً}، قال القاضي: الآية دالة على صحة قولنا في مسائل، أحدها: أن القرآن مخلوق وبيانه من وجوه. الأول: أنه تعالى وصفه بالإنزال والنزول، وذلك من صفات المحدثات، فإن القديم لا يجوز عليه التغير.
  الثاني: وصفه بكونه كتابا، والكتب هو الجمع، وهو سمي كتابا لكونه مجموعا من الحروف والكلمات، وما صحّ فيه التركيب والتأليف فهو محدث. الثالث: أنه تعالى أثبت الحمد لنفسه على إنزال الكتاب والحمد إنما يستحق على النعمة، والنعمة محدثة مخلوقة. الرابع: أنه وصف الكتاب، بأنه غير معوج، وبأنه مستقيم، والقديم لا يمكن وصفه بذلك، فثبت أنه محدث مخلوق، وثانيها: مسألة خلق الأعمال فإن هذه الآيات تدل على قولنا في هذه المسألة من وجوه: الأول:
  نفس الأمر بالحمد لأنه لو لم يكن للعبد فعل فلم ينتفع بالكتاب إذ الانتفاع به إنما يحصل إذا قدر على أن يفعل ما دل الكتاب على أنه يجب فعله ويترك ما دل الكتاب على أنه يجب تركه وهو إنما يفعل ذلك لو كان مستقلا بنفسه، أما إذا لم يكن مستقلا بنفسه لم يكن لعوج الكتاب أثر في اعوجاج فعله ولم يكن لكون الكتاب فيما أثر في استقامة فعله، أما إذا كان العبد قادرا على الفعل مختارا فيه بقي لعوج الكتاب واستقامته أثر في فعله. والثاني: أنه تعالى لو كان أنزل بعض الكتاب ليكون سبا لكفر البعض وأنزل الباقي ليؤمن البعض الآخر فمن أين أن الكتاب قيم لا عوج فيه؟ لأنه لو كان فيه عوج لما زاد على ذلك. والثالث:
  قوله: {لِيُنْذِرَ} وفيه دلالة على أنه تعالى أراد منه ﷺ إنذار الكل وتبشير الكل وبتقدير أنه يكون خالق الكفر والإيمان هو اللّه تعالى لم يبق للإنذار