تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[2] - قوله تعالى: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا 6}

صفحة 268 - الجزء 1

  والتبشير معنى لأنه تعالى إذا خلق الإيمان فيه حصل شاء أو لم يشأ، وإذا خلق الكفر فيه حصل شاء أو لم يشأ فبقي الإنذار والتبشير على الكفر والإيمان جاريا مجرى الإنذار والتبشير على كونه طويلا وقصيرا وأسود وأبيض مما لا قدرة له عليه. والرابع: وصفه المؤمنين بأنهم يعملون الصالحات فإن كان ما وقع خالق اللّه تعالى فلا عمل لهم البتة. الخامس: إيجابه لهم الأجر الحسن على ما عملوا فإن كان اللّه تعالى يخلق ذلك فيهم فلا إيجاب ولا استحقاق⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ٦}

  وفيه مباحث: ... البحث الرابع: قوله؛ {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ} المراد بالحديث القرآن. قال القاضي: وهذا يقتضي وصف القرآن بأنه حديث، وذلك يدل على فساد قول من يقول: إنه قديم، وجوابه أنه محمول على الألفاظ وهي حادثة⁣(⁣٢).

[٣] - قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ٧ وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً ٨}

  أ - قال القاضي: وجه النظم كأنه تعالى يقول: يا محمد، إني خلقت الأرض وزينتها وأخرجت منها أنواع المنافع والمصالح، والمقصود من خلقها بما فيها من المنافع ابتلاء الخلق بهذه التكاليف، ثم إنهم يكفرون ويتمردون مع ذلك فلا أقطع عنهم مواد هذه النعم. فأنت أيضا يا محمد ينبغي أن لا تنتهي في الحزن بسبب كفرهم إلى أن تترك الاشتغال بدعوتهم إلى الدين الحق⁣(⁣٣).


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١ ص ٦٥.

(٢) م. ن ج ٢١/ ٧٩.

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١/ ٨٠.