تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[2] - قوله تعالى: {إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى 10 فلما أتاها نودي يا موسى 11}

صفحة 279 - الجزء 1

سورة طه

[١] - قوله تعالى: {ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ٢}

  (المسألة الثالثة) ذكروا في سبب نزول الآية وجوها: ... (وثانيها) أنه # صلى بالليل حتى تورمت قدماه فقال له جبريل # أبق على نفسك فإن لها عليك حقا أي ما أنزلناه لتهلك نفسك بالعبادة وتذيقها المشقة العظيمة وما بعثت إلّا بالحنيفية السمحة، وروى أيضا أنه # كان إذا قام من الليل ربط صدره بحبل حتى لا ينام وقال بعضهم كان يقوم على رجل واحدة، وقال بعضهم كان يسهر طول الليل فأراد بقوله {لِتَشْقى} ذلك، قال القاضي: هذا بعيد، لأنه # إن فعل شيئا من ذلك فلا بد وأن يكون قد فعله بأمر اللّه تعالى، وإذا فعله بأمره فهو من باب السعادة، فلا يجوز أن يقال له: ما أمرناك بذلك⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً ١٠ فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى ١١}

  قال القاضي: الذي يروى من أن الزند ما كان يورى فهذا جائز، وأما الذين يروى من أن النار كانت تتأخر عنه، فإن كانت النبوّة قد تقدمت له جاز ذلك وإلا فهو ممتنع إلّا أن يكون معجزة لغيره من الأنبياء $ وفي قوله: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى ١٣}⁣[طه: ١٣] دلالة على أن هذه


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٢/ ٥.