[1] - قوله تعالى: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون 1}
  يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣٥}
  أ - ... الفصل الثالث في شرح كيفية التمثيل: اعلم أنه لا بد في التشبيه من أمرين: المشبه والمشبه به، واختلف الناس ههنا في أن المشبه أي شيء هو؟ وذكروا وجوها: أحدها: وهو قول جمهور المتكلمين ونصره القاضي، أن المراد من الهدى التي هي الآيات البينات، والمعنى أن هداية اللّه تعالى قد بلغت في الظهور والجلاء إلى أقصى الغايات وصارت في ذلك بمنزلة المشكاة التي تكون فيها زجاجة صافية، وفي الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في النقاء، فإن قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا أن ضوء الشمس أبلغ من ذلك بكثير، قلنا إنه سبحانه أراد أن يصف الضوء الكامل الذي يلوح وسط الظلمة لأن الغالب على أوهام الخلق وخيالاتهم إنما هو الشبهات التي هي كالظلمات وهداية اللّه تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذي يظهر فيما بين الظلمات، وهذا المقصود لا يحصل من ضوء الشمس لأن ضوءها إذا ظهر امتلأ العالم من النور الخالص، وإذا غاب امتلأ العالم من الظلمة الخالصة فلا جرم كان ذلك المثل ههنا أليق وأوفق.
  واعلم أن الأمور التي اعتبرها اللّه تعالى في هذا المثال مما توجب كمال الضوء.
  فأولها: المصباح لأن المصباح إذا لم يكن في المشكاة تفرقت أشعته، أما إذا وضع في المشكاة اجتمعت أشعته فكانت أكثر إنارة، والذي يحقق ذلك أن المصباح إذا كان في بيت صغير فإنه يظهر من ضوئه أكثر مما يظهر في البيت الكبير(١).
  ب - وزيف القاضي عبد الجبار هذين الجوابين(٢) أما الأول: فلأن
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٣/ ٢٠٢.
(٢) الجوابان لأبي مسلم بن بحر الأصفهاني. وهما: الأول: أن قوله: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ =