تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[3] - قوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم 51 وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم 52 صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور 53}

صفحة 322 - الجزء 1

  الأول: أن قوله تعالى: {أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ} يدل عليه، لأن كلمة {أَنْ} مع المضارع تفيد الاستقبال، الثاني: أنه وصف الكلام بأنه وحي، لأن لفظ الوحي يفيد أنه وقع على أسرع الوجوه، الثالث: أن قوله {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ} يقتضي أن يكون الكلام الذي يبلغه الملك إلى الرسول البشر مثل الكلام الذي سمعه من اللّه والذي يبلغه إلى الرسول البشري حادث، فلما كان الكلام الذي سمعه من اللّه مماثلا لهذا الذي بلغه إلى الرسول البشري، وهذا الذي بلغه إلى الرسول البشري حادث، ومثل الحادث حادث، وجب أن يقال:

  إن الكلام الذي سمعه من اللّه حادث، الرابع: أن قوله {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ} يقتضي كون الوحي حاصلا بعد الإرسال، وما كان حصوله متأخرا عن حصول غيره كان حادثا⁣(⁣١)؟


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٧/ ١٨٩.