تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[23] - قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون 99}

صفحة 80 - الجزء 1

  وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ١٠٢}

  أ - أما قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ} ... المسألة الخامسة: اختلفوا في المراد بملك سليمان، فقال القاضي: إن ملك سليمان هو النبوّة، أو يدخل فيه النبوّة، وتحت النبوّة الكتاب المنزل عليه والشريعة⁣(⁣١).

  ب - أما المعتزلة فقد اتفقت كلمتهم على أن غير اللّه تعالى لا يقدر على خلق الجسم والحياة واللون والطعم، واحتجوا بوجوه ذكرها القاضي ولخصها في تفسيره وفي سائر كتبه، ونحن ننقل تلك الوجوه وننظر فيها:

  أولها: وهو النكتة العقلية التي عليها يعولون أن كل ما سوى اللّه إما متحيز وإما قائم بالمتحيز، فلو كان غير اللّه فاعلا للجسم والحياة لكان ذلك الغير متحيزا، وذلك المتحيز لا بد وأن يكون قادرا بالقدرة، إذ لو كان قادرا لذاته لكان كل جسم كذلك بناء على أن الأجسام متماثلة، لكن القادر بالقدرة لا يصح منه فعل الجسم والحياة، ويدل عليها وجهان: الأول: أن العلم الضروري حاصل بأن الواحد منا لا يقدر على خلق الجسم والحياة ابتداء، فقدرتنا مشتركة في امتناع ذلك عليها، فهذا الامتناع حكم مشترك فلا بد له من علة مشتركة،


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٣/ ٢٠٤.