[31] - قوله تعالى: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون 134}
  هذا بعيد لوجهين. الأول: أنهم بادروا إلى الاعتراف بالتوحيد مبادرة من تقدم منه العلم واليقين. الثاني: أنه تعالى ذكر في الكتاب حال الأسباط من أولاد يعقوب وأنهم كانوا قوما صالحين وذلك لا يليق بحالهم(١).
[٣١] - قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ١٣٤}
  قلنا فيه قولان، أحدهما: أنه عني بالآية الأولى إبراهيم ومن ذكر معه، والثانية: أسلاف اليهود. قال الجبّائي، والقاضي: هذا بعيد، لأن أسلاف اليهود والنصارى لم يجر لهم ذكر مصرح، وموضع الشبهة في هذا القول أن القوم لما قالوا في إبراهيم وبنيه إنهم كانوا هودا(٢).
[٣٢] - قوله تعالى: {وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٣٥}
  أما قوله: {وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ففيه وجوه ... ثانيها: أن الحنيف اسم لمن دان بدين إبراهيم # ومعلوم أنه # أتى بشرائع مخصوصة، من حج البيت والختان وغيرهما، فمن دان بذلك فهو حنيف، وكان العرب تدين بهذه الأشياء. ثم كانت تشرك، فقيل من أجل هذا: {حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ونظيره قوله: {حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}[الحج: ٣١]، وقوله: {وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ١٠٦}[يوسف: ١٠٦] قال القاضي: الآية تدل على أن للواحد منا أن يحتج على غيره بما يجري مجرى المناقضة لقوله: إفحاما له وإن لم يكن ذلك حجّة في نفسه، لأن من المعلوم أنه # لم يكن يحتج على نبوته بأمثال هذه الكلمات بل كان
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٤/ ٨٥.
(٢) م. ن ج ٤/ ١٠١ (لضرورة تسلسل الآيات).