[37] - قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم 143}
[٣٧] - قوله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ١٤٣}
  اختلف الناس في أن الشهادة المذكورة في قوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ} تحصل في الآخرة أو في الدنيا. فالقول الأول: إنها تقع في الآخرة، والذاهبون إلى هذا القول لهم وجهان. الأول: وهو الذي عليه الأكثرون: أن هذه الأمة تشهد للأنبياء على أنهم الذين يكذبونهم، روي أن الأمم: يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب اللّه تعالى الأنبياء بالبينّة على أنهم قد بلّغوا وهو أعلم، فيؤتى بأمة محمد ﷺ فيشهدون فتقول الأمم من أين عرفتم؟ فيقولون: علمنا ذلك بإخبار اللّه تعالى في كتابه الناطق على لسان نبيّه الصادق، فيؤتى بمحمد عليه الصلاة والسلام، فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بعدالتهم وذلك قوله: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ٤١}[النساء: ٤١]، وقد طعن القاضي في هذه الرواية من وجوه:
  أولها: أن مدار هذه الرواية عن أن الأمم يكذبون أنبياءهم وهذا بناء على أن أهل القيامة قد يكذبون، وهذا باطل عند القاضي.
  وثانيها: أن شهادة الأمة وشهادة الرسول مستندة في الآخرة إلى شهادة اللّه تعالى على صدق الأنبياء، وإذا كان كذلك فلم لم يشهد تعالى لهم بذلك ابتداء؟