4 - القاضي والنظم:
  ثبت في الآية الواحدة عدة قراءات، قال القاضي: «على أن القراءات المختلفة معلومة عندنا باضطرار، ولذلك نستهجن من يرويها من جهة الآحاد»(١).
  ومن هنا، طعن القاضي في قراءة أبي هريرة للآية ٣٦ من سورة آل عمران، واعتبرها من أخبار الآحاد، وهي على خلاف الدليل، الذي يشترط عدم الأخذ بالخبر الواحد، فلذلك وجب ردّها(٢).
  ولم يجوّز القاضي ترك القراءات المتواترة(٣)، وركّز على القراءات المشهورة، ودعا للعمل بها(٤)، وفضّل قراءة حمزة، والكسائي(٥).
٤ - القاضي والنّظم:
  إن المتعارف عليه في تعريف النّظم، هو القول أن القرآن على ما هو عليه من السور والآيات اتصل بعضها ببعض، وفي ذلك غرض وفائدة(٦).
  وحينما يغفل المفسّر سياق الآيات، فمن الطبيعي أن يقع في مطبّات ضخمة أثناء تفسيره للنصوص القرآنية، كما حصل للمجبّرة حين اقتطعوا نصّا قرآنيا، وفسّروه بعيدا عن مبدأ الأخذ بالسياق والنظم، فقالوا في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ٩٦}[سورة الصافات: ٩٦]: «إن ذلك يدلّ على أن اللّه خالق لأفعالنا(٧)، في حين أن الملاحظ في السياق أنها جاءت حكاية لقول إبراهيم مع قومه، واستنكاره لعبادتهم الأصنام، والتي هي أجساد، واللّه تعالى هو المحدث لها»(٨).
  وحاول القاضي في تفسيره، أن يبيّن نظم الآيات وسياقها. وفي هذه النتف التي بين أيدينا من تفسير القاضي، عثرنا على تسع حالات تحدث فيها
(١) القاضي عبد الجبار: المغني في أبواب التوحيد والعدل ج ١٦/ ١٦٢.
(٢) راجع هذا التفسير، سورة آل عمران، الآية ٣٦.
(٣) م. ن، سورة البقرة، الآية ١٣٧.
(٤) م. ن، سورة البقرة، الآية ١٩١.
(٥) م. ن، سورة البقرة، الآية ١٩١ والآية ٢٥٩.
(٦) د. عدنان زرزور: الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير ص ٣٧٣.
(٧) الطوسي: التبيان ٨/ ٤٧٠.
(٨) م. ن.