[7] - قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38}
  القول بوجوب العوض على اللّه تعالى محال باطل بأمور: ... والحجة الثالثة: أنه لو حسن إيصال الضرر إلى الغير لأجل العوض، لوجب أن يحسن منا إيصال المضار إلى الغير لأجل التزام العوض من غير رضاه وذلك باطل، فثبت أن القول بالعوض باطل. واللّه أعلم. إذا عرفت هذا: فلنذكر بعض التفاريع التي ذكرها القاضي في هذا الكتاب. الفرع الأول: قال القاضي: كل حيوان استحق العوض على اللّه تعالى بما لحقه من الآلام، وكان ذلك العوض لم يصل إليه في الدنيا، فإنه يجب على اللّه حشره عقلا في الآخرة ليوفر عليه ذلك العوض والذي لا يكون كذلك فإنه لا يجب حشره عقلا، إلّا أنه تعالى أخبر أنه يحشر الكل، فمن حيث السمع يقطع بذلك. وإنما قلنا إن في الحيوانات من لا يستحق العوض البتة، لأنها ربما بقيت مدة حياتها مصونة عن الآلام ثم إنه تعالى يميتها من غير إيلام أصلا. فإنه لم يثبت بالدليل أن الموت لا بد وأن يحصل معه شيء من الإيلام، وعلى هذا التقدير فإنه لا يستحق العوض البتة. الفرع الثاني: كل حيوان أذن اللّه تعالى في ذبحه فالعوض على اللّه. وهي أقسام: منها ما أذن في ذبحها لأجل الأكل ومنها ما أذن في ذبحها لأجل كونها مؤذية، مثل السباع العادية والحشرات المؤذية، ومنها آلمها بالأمراض، ومنها ما أذن اللّه في حمل الأحمال الثقيلة عليها واستعمالها في الأفعال الشاقة وأما إذا ظلمها الناس فذلك العوض على ذلك الظالم وإذا ظلم بعضها بعضا فذلك العوض على ذلك الظالم.
  فإن قيل: إذا ذبح ما لا يؤكل لحمه على وجه التذكية فعلى من العوض؟ أجاب بأن ذلك ظلم والعوض على الذابح، ولذلك نهى النبي ﷺ عن ذبح الحيوان إلّا لمأكلة. الفرع الثالث: المراد من العوض منافع عظيم بلغت في الجلالة والرفعة إلى حيث لو كانت هذه البهيمة عاقلة وعلمت أنه لا سبيل لها إلى تحصيل تلك المنفعة إلّا بواسطة تحمل ذلك الذبح فإنها كانت ترضى به، فهذا هو العوض الذي لأجله يحسن الإيلام والأضرار. الفرع الرابع: مذهب القاضي وأكثر معتزلة البصرة أن العوض منقطع. قال القاضي: وهو قول أكثر المفسرين، لأنهم