تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

8 - منهج القاضي في التفسير:

صفحة 23 - الجزء 1

  بهذا الرأي، واختار ما قاله الحسن، والجبّائي، وأبي مسلم، فقال ما نصّه: «وهذا أولى، لأنه إذا أمكن حمله على معنى من غير إثبات نسخ، كان أولى، ولأن ما قالوه زيادة لا دليل عليه»⁣(⁣١).

  د - وأما المنهج الرابع في تفسير القاضي، فهو حمل الأخبار على المجاز، فلذلك، علّق القاضي على الخبر المروي عن مجاهد، بأن اللّه أول ما خلق القلم⁣(⁣٢)، فقال: اكتب القدر، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، وإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه. فقال القاضي ما نصّه: «هذا الخبر يجب حمله على المجاز»⁣(⁣٣)، وبرّر القاضي هذا المنحى فقال: «لأن القلم الذي هو آلة مخصوصة في الكتابة لا يجوز أن يكون حيا عاقلا، فيؤمر وينهى، فإن الجمع بين كونه حيوانا مكلفا، وبين كونه آلة للكتابة محال، بل المراد منه أنه تعالى أجراه بكل ما يكون وهو كقوله: {وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}⁣[البقرة: ١١٧] فإنه ليس هناك أمر ولا تكليف، بل هو مجرد نفاذ القدرة في المقدور من غير منازعة ولا مدافعة»⁣(⁣٤).

  وحمل المعنى على المجاز ليس قاعدة عامة عند القاضي، بل هو استثناء، لأنه القاعدة عند القاضي هو «ضرورة حمل المعنى على الحقيقة، ومتى لم يجز ذلك نحمل المعنى على المجاز»، ويتوضّح هذا المنهج في تعليق القاضي على ما ذهب إليه الفرّاء في تفسيره للآية ٢١ من سورة الفرقان، حيث اعتبر القاضي «أنه لا وجه في كلام الفرّاء، لأن الكلام متى أمكن حمله على الحقيقة لم يجز حمله على المجاز»⁣(⁣٥).


(١) راجع هذا التفسير، سورة البقرة، الآية ١٨٥.

(٢) في تفسيره للآية ٤ من سورة العلق.

(٣) راجع هذا التفسير، سورة العلق، الآية ٤.

(٤) راجع هذا التفسير، سورة العلق، الآية ٤.

(٥) م. ن، سورة الفرقان، الآية ٢١.