تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[1] - قوله تعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد 1}

صفحة 248 - الجزء 1

سورة إبراهيم

[١] - قوله تعالى: {الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ١}

  قال القاضي: هذه الآية فيها دلالة على إبطال القول بالجبر من جهات:

  أحدها: أنه تعالى لو كان يخلق الكفر في الكافر، فكيف يصحّ إخراجه منه بالكتاب.

  وثانيها: أنه تعالى أضاف الإخراج من الظلمات إلى النور إلى الرسول فإن كان خالق ذلك الكفر هو اللّه تعالى، فكيف يصحّ من الرسول عليه الصلاة والسلام إخراجهم منه، وكان للكافر أن يقول: إن اللّه خلق الكفر فينا، فكيف يصحّ منك أن تخرجنا منه، فإن قال لهم: أنا أخرجكم من الظلمات التي هي كفر مستقبل لا واقع، فلهم أن يقولوا: إن كان تعالى سيخلقه فينا، لم يصحّ ذلك الإخراج، وثالثها: أنه إنما يخرجهم من الكفر بالكتاب بأن يتلوه عليهم ليتدبروه وينظروا فيه، فيعلموا بالنظر والاستدلال كونه تعالى عالما، قادرا، حكيما، ويعلموا بكون القرآن معجزة صدق الرسول ، وحينئذ يقبلوا منه كل ما أداه إليهم من الشرائع، وذلك لا يصحّ إلّا إذا كان الفعل لهم ويقع باختيارهم، ويصحّ منهم أن يقدموا عليه ويتصرفوا فيه⁣(⁣١).

[٢] - قوله تعالى: {أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ١٩/ ٥٨ (طبعة دار الكتب العلمية).