[1] - قوله تعالى: {إن إلهكم لواحد 4}
  وفي الآية أبحاث: البحث الأول: اعلم أنه لا نزاع في أن هذا من كلام الملائكة، فإن قيل ما معنى: {احْشُرُوا} مع أنهم قد حشروا من قبل وحضروا في محفل القيامة، وقالوا: {هذا يَوْمُ الدِّينِ}[الصافات: ٢٠] وقالت الملائكة لهم بل: {هذا يَوْمُ الْفَصْلِ}[الصافات: ٢١]؟ أجاب القاضي عنه، فقال: المراد احشروهم إلى دار الجزاء وهي النار، ولذلك قال بعده:
  {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ} أي خذوهم إلى ذلك الطريق ودلوهم عليه ثم سأل نفسه فقال: كيف يصحّ ذلك وقد قال بعده {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} ومعلوم أن حشرهم إلى الجحيم، إنما يكون بعد المسألة؟ وأجاب: أنه ليس في العطف بحرف الواو ترتيب فلا يمتنع أن يقال: احشروهم وقفوهم، مع أنه بعقولنا نعلم أن الوقوف كان قبل الحشر إلى النار، هذا ما قاله القاضي(١).
  ب - أما قوله:
  {وَما كانُوا يَعْبُدُونَ ٢٢ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ففيه قولان:
  الأول: المراد ما كانوا يعبدون من دون اللّه من الأوثان والطواغيت، ونظيره قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ}[البقرة: ٢٤] قيل: المراد بالناس عباد الأوثان والمراد بالحجارة الأصنام التي هي أحجار منحوتة، فإن قيل: إن تلك الأحجار جمادات فما الفائدة في حشرها إلى جهنم؟ أجاب القاضي، بأنه ورد الخبر بأنها تعاد وتحيا لتحصل المبالغة في توبيخ الكفار الذين كانوا يعبدونها، ولقائل أن يقول: هب أن اللّه تعالى يحيي تلك الأصنام إلّا أنه لم يصدر عنها ذنب، فكيف يجوز من اللّه تعالى تعذيبها؟
  والأقرب أن يقال إن اللّه تعالى لا يحيي تلك الأصنام بل يتركها على الجمادية، ثم يلقيها في جهنم لأن ذلك مما يزيد في تخجيل الكفار(٢).
(١) م. ن ج ٢٦/ ١٣٢.
(٢) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٦/ ١٣٣.