[26] - قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين 124}
  الجملة أن الساحر لا يصح أن يكون فاعلا لشيء من ذلك.(١).
[٢٦] - قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}
  وفيه مسائل: المسألة الخامسة: بل قال: {إِنِّي جاعِلُكَ} فدل هذا على أن ذلك الابتلاء ليس إلّا التكليف بهذه الأمور المذكورة، واعترض القاضي على هذا القول فقال: هذا إنما يجوز لو قال اللّه تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمها إبراهيم، ثم أنه تعالى قال له بعد ذلك: إني جاعلك للناس إماما فأتمهن، إلّا أنه ليس كذلك، بل ذكر قوله: {إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً} بعد قوله: {فَأَتَمَّهُنَّ} هذا يدل على أنه تعالى امتحنه بالكلمات وأتمها إبراهيم ثم أنه تعالى قال له بعد ذلك: {إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً}(٢).
  .. المسألة السادسة: قال القاضي: هذا الابتلاء إنما كان قبل النبوّة، لأن اللّه تعالى نبّه على أن قيامه عليه الصلاة والسلام بهن كالسبب لأن يجعله اللّه إماما، والسبب مقدم على المسبب، فوجب كون هذا الابتلاء متقدما في الوجود على صيرورته إماما، وهذا أيضا ملائم لقضايا العقول، وذلك لأن الوفاء من شرائط النبوّة لا يحصل إلّا بالإعراض عن جميع ملاذ الدنيا وشهواتها وترك المداهنة مع الخلق وتقبيح ما هم عليه من الأديان الباطلة والعقائد الفاسدة، وتحمل الأذى من جميع أصناف الخلق، ولا شك أن هذا المعنى من أعظم المشاق وأجلّ المتاعب، ولهذا السبب يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أعظم أجرا من أمته، وإذا كان كذلك فاللّه تعالى ابتلاه بالتكاليف الشاقة، فلما وفي عليه الصلاة والسلام بها لا جرم أعطاه خلعة النبوّة والرسالة، وقال آخرون: إنه
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٣/ ١٨٧ - ١٩٣.
(٢) م. ن ج ٤/ ٤٢.