[27] - قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير 126}
  بعد النبوّة لأنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم كونه مكلفا بتلك التكاليف إلّا من الوحي، فلا بد من تقدم الوحي على معرفته بكونه كذلك، أجاب القاضي عنه:
  بأنه يحتمل أنه تعالى أوحى إليه على لسان جبريل # بهذه التكاليف الشاقة، فلما تمم ذلك جعله نبيّا مبعوثا إلى الخلق، إذا عرفت هذه المسألة فنقول ما قال القاضي: يجوز أن يكون المراد بالكلمات، ما ذكره الحسن من حديث الكوكب والشمس والقمر، فإنه عليه الصلاة والسلام ابتلاه اللّه بذلك قبل النبوّة، أما ذبح الولد والهجرة والنار فكل ذلك كان بعد النبوّة(١).
[٢٧] - قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٢٦}
  .. قال القاضي: في هذه الآيات تقديم وتأخير، لأن قوله: {رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً} لا يمكن إلّا بعد دخول البلد في الوجود، والذي ذكره من بعد وهو قوله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ}[البقرة: ١٢٧] وإن كان متأخرا في التلاوة فهو متقدم في المعنى(٢).
[٢٨] - قوله تعالى: {رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٢٨}
  ففيه مسائل: المسألة الأولى: قولان ... وههنا قول ثالث وهو: أن المراد العلم والرؤية معا. وهو قول القاضي، لأن الحجّ لا يتم إلّا بأمور بعضها يعلم ولا يرى(٣).
(١) الرازي: التفسير الكبير ج ج ٤/ ٤٣.
(٢) م. ن ج ٤/ ٥٩.
(٣) م. ن ج ٤/ ٧٠.