زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة الشورى]

صفحة 195 - الجزء 1

  الحاجة إليه تعالى.

  أما إذا كان العبد في سعة من الرزق ورغد من العيش - فإنه لا يجد في نفسه حاجة إلى الله ولا إلى سؤاله، ولا إلى التضرع إليه، وبمرور الوقت تتضاعف الغفلة عن الله وعن ذكره وشكره إلى أن يقسو القلب تماماً وتغمره الغفلة، وإذا وصل إلى هذه الحالة تورط في ارتكاب المآثم واقتراف الجرائم، والحمد لله على عظيم فضله علينا، وكثير إحسانه إلينا، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليماً كثيراً.

  سؤال: قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}⁣[الشورى: ٤٠]، ووجه الإشكال أن الله تعالى جعل جزاء الحسنة الواحدة عشر حسنات، وجعل جزاء السيئة الواحدة سيئة واحدة، وهذا في حين أن المكلف إذا عمل في آخر حياته سيئة واحدة من الكبائر ولو كان قبل أن يعمل السيئة الكبيرة ملازماً للتقوى والطاعة لله، فإن ذلك الجزاء الخالد في جهنم جزاء عظيم لا يستوعب العقل عِظَمَه وكثرته مع أنه جزاء سيئة واحدة؛ فكيف ترون حل هذا الإشكال؟

  الجواب والله ولي التوفيق:

  أن السيئة الكبيرة وإن كانت سيئة واحدة يماثلها عذاب جهنم الخالد، غير أننا لا ندرك المماثلة ولا نتصورها، وقد صور الله تعالى لنا عِظَم بعض الكبائر فقال سبحانه: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}⁣[المائدة: ٣٢]، فصور تعالى لنا عِظَم قتل النفس المحرمة، وبين لنا أنه في العظم عنده بمنزلة قتل آدم وذريته على وجه الأرض بما فيهم الأنبياء والرسل والصالحين و ... إلخ.

  ولا شك أننا لا نستنكر أن الذي يقتل بني آدم جميعاً بما فيهم من الأنبياء والصالحين يستحق عذاب جهنم الخالد.

  إذا عرفت ذلك عرفت أن الإشكال حصل بسبب جهلنا بعظم المعصية الكبيرة، وعدم تصورنا لها على حقيقتها.