زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة الحج]

صفحة 150 - الجزء 1

[فوائد من سورة الحج]

  · سؤال: ما هو تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ١٥}⁣[الحج]؟

  الجواب والله الموفق:

  أن المعنى كما يذكره المفسرون: أن من يستبعد ويظن أن الله تعالى لن ينصر رسوله على أعدائه من المشركين وغيرهم، ولم يثق ويصدق بوعد الله تعالى كما يصدق المؤمنون؛ فليربط حبلاً في جهة العلو، وليختنق فيه حتى يذهب خوفه وقلقه.

  نعم، كان المسلمون في أول الإسلام في شدة شديدة، ومضايقة بالغة من المشركين، وفي خوف وأذى، وعذاب ونكال، ومطاردة وملاحقة و ... إلخ.

  وكان رسول الله ÷ يبشرهم بالعاقبة الحسنة، وبالتمكين في الأرض، وبالنصر والظفر، وبالغنائم والفتوح ... إلخ؛ فكان المؤمنون الذين استحكم الإيمان في قلوبهم يستروحون إلى ذلك الوعد الجميل، ويتسلون به، ويشتد صبرهم وتقوى عزائمهم وتطيب نفوسهم، ويذهب عنها الكثير من القلق والضيق، ويحل محله الفرح والسرور بما وعد الله تعالى.

  أما المسلمون الضعفاء الإيمان الذين لم يستحكم الإيمان في قلوبهم - فقد كانوا على العكس، لم يفدهم وعد الله وبشارته شيئاً، فجاءت هذه الآية تندد عليهم شدة الجزع، وكثرة القلق، وغلبة اليأس والقنوط، مع ما يسمعون من نبيهم ÷ من الوعد والبشارة بالنصر والفتح والظفر والتمكن في الأرض.

  فحين لم تنفعهم هذه البشائر، والطبائع البشرية في العادة من شأنها أن تنتفع بمثل ذلك وتتسلى به، وتجد فيه الدواء الشافي، والمخفف من آلام تلك الشدائد والمضائق، فحين لم ينفعهم هذا الدواء قال الله تعالى لهم على سبيل التنديد والتوبيخ والذم والتجهيل: من غلب عليه اليأس والقنوط من النصر والظفر فالحل أن يدخل رأسه في المشنقة، ويقتل نفسه بالاختناق؛ وذلك لكي يخرج من