[فوائد من سورة الأنعام]
[فوائد من سورة الأنعام]
  · ﷽: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ٨ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ٩}[الأنعام]:
  اقترح المشركون وطلبوا أن ينزل الله تعالى ملكاً لينذر الناس، أو ليصدق النبي ÷ في دعوته للرسالة، فرد الله تعالى على قريش هذا الطلب وهذا الاقتراح؛ لأن في إنزال الملك على حسب اقتراحهم هلاكهم واستئصالهم جميعاً.
  وعلى فرض سلامتهم من الهلاك فإنه تعالى لو أنزله لصوره لهم في صورة رجل ليتم بينهم وبينه التخاطب وتوضيح الرسالة، وإذا كان الملك على صورة رجل حصل عندهم الالتباس، ولم يصدقوا أنه ملك.
  - وهلاكهم بإنزال الملك إليهم يحتمل أنه:
  ١ - إما لأن بنية البشر وطبيعتهم التي طبعهم الله تعالى عليها لا تقوى على رؤية الملك على صورته الحقيقية، ولا تبقى الروح في البدن عند رؤيته؛ فإذا رأوه ماتوا، ولا يبقى أحد ممن يراه.
  ٢ - وإما لأن المشركين إذا أنزل الله إليهم الملك ورأوه على صورته التي خلقه الله تعالى عليها ثم لم يؤمنوا به استحقوا الاستئصال والهلاك؛ لأن سنة الله تعالى في الذين لا يؤمنون بعد أن يريهم الله تعالى آية بينة من شأنها أن يصدق بها العقل ضرورة أن يهلكهم ولا يمهلهم.
  وقد علم الله تعالى أن قريشاً والمشركين لا يؤمنون إذا أنزل إليهم ملكاً أو أعطاهم آية عظيمة يصدق بها العقل ضرورة، واقتضت حكمته ألا يستأصلهم بعذاب محيط لا يبقي منهم باقية، إما لعلمه تعالى بأنه يكون من ذراريهم من يوحد الله ويعبده ويدين بدينه، وإما لمصلحة وحكمة لا نعلمها؛ لذلك لم يعطهم من الآيات ما اقترحوا استبقاءً لهم.