[فوائد من سورة الفيل]
  قريش ذلك الجيش تيقنوا أنه لا طاقة لهم بالوقوف في وجهه، فخرجت من مكة، فأبطل الله كيد ذلك الجيش، وأرسل عليهم جماعات من الطير يحمل كل طير حجراً من طين يابس، فرمتهم بتلك الأحجار فقتلتهم جميعاً، فكانوا في ذلك المكان جثثاً هامدة مشتتة، يشبهون الزرع الذي أكلته الأنعام، وداسته بأقدامها.
  - نزلت هذه السورة لتؤكد للنبي ÷ أولاً وللمؤمنين ثانياً، وتطمئنه بأن الله سبحانه وتعالى سوف ينصره على المشركين، ويعلي كعبه، ويخزي عدوه.
  - وفيها أن القياس طريق معتبرة؛ لأن المعنى المقصود من هذه السورة: أن الله تعالى سوف ينصر رسول الله ÷ وينتقم له من المشركين الذين يكفرون به ويكذبونه ويريدون أن ينزلوا به المكاره والمهالك، أو ما ترى إلى صنيعه بأصحاب الفيل حين أرادوا هدم بيت الله، واستحلال حرمته.
  - الفرج يأتي حين تبلغ الشدة غايتها فإن أصحاب الفيل لم يأتهم سخط الله وعذابه إلا عند أن وصلوا وادي محسِّر في طرف منى، ورسول الله ÷ لم يأته الفرج إلا بعد الهجرة، وهذه السورة نزلت عليه في مكة.
  - في هذه السورة ما ينبه رسوله ÷ والمؤمنين إلى ألا يهوله ما يرى عليه المشركين من العدد والعدة والقوة، فإن الله سيبددها ويقيك شرها.
  قد يقال: ما هو السبب في نزول عذاب الله على أصحاب الفيل في حين أن المشركين قد ملئوا الكعبة بالأصنام وأحاطوها بالأصنام، وعبدوها من دون الله تعالى في البيت الحرام وداخل الكعبة.
  فيقال –والله أعلم -: هناك فرق بين كفر المشركين وكفر أصحاب الفيل؛ فإن المشركين وإن أشركوا بالله فإنهم كانوا يعظمون البيت العتيق، ويعظمون الحرم المحرم، أما أصحاب الفيل فقد جاءوا لهدم الكعبة واستحلال حرمتها وحرمة البلد الحرام، والمسجد الحرام والحرم المحرم.
  فإن قيل: قد استحل الحجاج بن يوسف قائد الجيش الأموي البيت العتيق،