زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الوجه في إقسام الله بمخلوقاته]

صفحة 36 - الجزء 1

  بها فيؤدي ذلك إلى أن يتفكروا فيها ويتأملوها، وبالتأمل والنظر في المقسم به، وفيما بعد القسم تحصل الحكمة المقصودة من إنزال القرآن.

  وهكذا تكون الحكمة في افتتاح كثير من السور بالحروف المقطعة مثل: آلم، حم، ص، ... إلخ، فإن في الافتتاح بها من الغرابة ما يدعوا السامع إلى الإصغاء والتأمل، ومن الأسلوب البديع الذي يذكره علماء البيان أن على المتكلم أن يبدأ في أول كلامه بالكلام الأنيق الذي يستغربه السامع ويستظرفه ويدعوه إلى الإصغاء والاستماع و ... إلخ.

  وعلى هذا الأسلوب البديع نزلت سور القرآن الكريم، يظهر ذلك للناظر النبيه بالتأمل.

  وكثرة الحلف ليس مذموماً على الإطلاق، فإن الحلف بالله لإحقاق الحق، أو دفع الباطل، أو ترتب عليه مصلحة دينية أو نحو ذلك ليس بمذموم، وقد كان النبي ÷ يحلف، وكانت يمينه: «والذي نفس محمد بيده»، وكان علي يحلف، وكانت يمينه: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة).

  وإنما المذموم من الحلف:

  ١ - ما كان على الكذب والباطل: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ١٤}⁣[المجادلة].

  ٢ - الحلف لاقتطاع مال مسلم.

  ٣ - الحلف لغير حاجة لما فيه من التهاون باسم الله، وعدم المبالاة بذكره والحلف به: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}⁣[البقرة ٢٢٤]، وليس في القرآن شيء من الحلف المذموم.

  وبعد، فلا نسلم أن الحلف لا يفيد المؤمنين والمشركين، أما المؤمنون فإنهم وإن كانوا مؤمنين مصدقين إلا أن من شأن طبيعة الإنسان الغفلة والنسيان، وقد يستولي عليه ذلك فيحتاج إلى ما يهزه هزاً، ويقتلع غفلته قلعاً.